صـــــدى الصــــدأ"
السلام عليكم .... هذه قصة حدثت بالفعل في الواقع وليست مجرد حلم أو سطور من نسج خيالي أو أسطورة سُطرت في الماضي البعيد .... هي ليست قصة للمتعة والتسلية .... هي ليست عمل فني وليس الهدف منها إجادة الحبكة الدرامية .... هي ليست إلا حكمة وجرس إنذار ولكنه أفزع من صوت البوق .... فليتخذ الجميع حذرهم من شر صدأ الحياة .... تعلم كيف تتعرف على صدأ الحياة .... فإذا تعلمت كيف تكتشفه من حولك .... ستكون مهمتك في تجنب مخاطره أيسر وأهون .... وخاصة أن هذا العدو ماهو إلا صدأ ... وأقصد الــ "صدأ" .... الصدأ الذي إذا ما تمكن من الشيئ ؛ قضى عليه بلا أدنى شك. قد تتمكن من إزالته منذ البداية ... وأقصد بالبداية ؛ بداية عبوثه بأساس الشخص؛ ولكنه عائد لا محالة... فقد يختفي بعض الوقت ‘ وقد يظل مختفيا طالما داومت على عمليات الجلي، ولكن بمجرد دخول السكينة الى قلبك وإطمئنانك بأنك قد انتصرت وفزت في معركتك معه .. ستفاجأ بعرض رائع ... من أبهر العروض على مر حياتك ... قد تخسر فيها كل شيئ ... فأنت البطل الأوحد في هذا العرض ... والجميع من حولك يضحكون ... ويسخرون ويهتفون .... ويتهامسون ويتغامزون .... وأحيانا ستجدهم ينسحبون ويتجاهلون ....ولا تنتظر أن يساندون ويدعمون ... وإلا فأنت ممن يتدعون .... ويتساهلون وعلى الخطأ يصرون .... ستخسر كل ما جنيت خلال رحلتك مع الحياة .... وستخسر كذلك أي فرصة في المستقبل لإستعادة ما قد خسرت .... وقد تكون فرصة كنت قد انتظرتها كثيرا ... أياماً وشهور ... وربما سنوات وسنوات ... ودفعت ثمن الانتظار ... ولم يكن بخساً ... ولما أوشكت تلك الفرصة على المكوث بين يديك ... ولت وفَلَّت من بين راحتيك .... وتسربت كحبات الرمل مسترسلة الى حيث لا إليك ... وقد تخسر حتى أحلامك وتفقد القدرة على امكانية الحلم من جديد ... فها أنت اليوم ... بلا أمس ... وفاقد للغد .... وكل ما تحمله على عاتقك؛ صدأ .... وكل ما تراه وتسمعه من حولك ماهو إلا صدى لهذا الصدأ ... صدأ قد انتشر في نحو ألاف الخلايا بأجساد البشر .... ونندم حيث لا ينفع الندم ...
ترددت على مسامعنا كثيراً جمل كُتر ماهي إلا هراء و سفه بدون شك .... تسمعها تقول لحبيبها "أحبك بجنون" أو "لا أستطيع العيش بدونك حبيبي" ... وقد تسمعه يقول لحبيبته "أنا لا أحتمل فراقك" أو "ماكنت أتخيل حياتي بدونك" ... ياله من هراء ..... وقد تسمع الإبنه أو الإبن يقول "إذا ماحدث مكروه ما لأمي سأموت من بعدها" أو "سأذهب وراء أمي وأبي في أي مكان حتى وإن كان في القبر" ....... ياله من سفه... وقد تقتل الأم نفسها من الحسرة و الألم من أجل فقدها ولدها !!! .... وقد تسمع الزوجة التي تنعي وفاة زوجها وتصرخ نادبة إياه "سأقتل نفسي لأكون معك في حياتك ومماتك" ... أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ...
ما أجمل مشاعر الحب والعطف .... وما أحوجنا لمشاعر الود والألفة من المقربين إلينا ... وما أروع لحظة حب صادقة متبادلة بين شخصين ... وما أطيب البسمة الصادقة التي نحصل عليها من أحب الأشخاص إلينا ... وما أروع تأثير الكلمات الرقيقة على القلب الغاضب ... لا أنكر أبدا روعة هذه الأشياء ولا أبخس مقامها ... بل وأؤكد أهميتها مستشهدة بأنها الصدقة الطيبة ... ولكن ... ...
هل تعتقد أن هذا مبرر كافي لأن تجعل المناخ مهيئاً ومستعدا لتسرب الصدأ إليك؟؟ هل إرتفعت قيمة هذه الأشياء ليكون ثمنها الصدأ؟؟؟ وهل أنت مستعدا للثمن؟؟؟ هل ستدفع؟؟؟ أم أنك ستعاني وتدفع الثمن على مضد؟؟؟ وإعلم أن الثمن ليس يسيرا كي تدفعه مرة واحدة فقط وتدفنه في ذاكرتك التي ستكون قديمة فيما بعد... انه ثمن ذو صدى ... سيدق على مسامعك دوما ... ليطالبك بأقساط تأمينك على صدأ حياتك .... كم أن الانسان مسكين .... يعتقد أنه طالما يسير لأعلى ... فإنه سيصل إلى قمة الجبل وسيكون في القمة ... ويعتقد أن الشظايا التي تعثر مسيرته أثناء صعوده ما هي إلا بعض العقبات الطبيعية التي تواجهه وأنها ثمن النجاح ... وأن حرارة الأرض تحت قدميه ما هي إلا دليل على كفاحه من أجل الوصول لهدفه وتحقيقه ... وقربما يصل إلى النهاية .... نهاية الطريق .... حيث أصبحت القمة التي يستهدفها صوب عينيه .... وقتها ... يفاجأ بإنهمار الحمم البركانية عليه ... وأنه لم يكن ليصعد إلا لبركان مكتظ بالحمم النيرانية.... وها هو قد وصل .... ياله من مسكين.....