بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (( يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين () قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون )) المائدة 21 – 22
أمر الله سيدنا موسى بان ياخذ قومه من مصر ويذهب بهم الى الارض المقدسة الى المسجد الاقصى ليحررها, وكانت محتلة من قبل قوم وصفهم الله تعالى بالجبارين أي أصحاب قوة كبيرة في ذلك الزمان, ولكن بني إسرائيل كانوا قوما لا يصلحون ومشكلتهم هو حبهم للدنيا وتعلقهم بهاوالمادية التي ملئت قلوبهم.
قال تعالى (( قال رجلان من الذين يخافون أَنْعـَمَ الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )) المائدة 23
وهنا قال رجلان ( يقال انهم يوشع بن نون ورجل آخر صالح ) من الذين يخافون مخالفة أمر الله تعالى, أنعم الله عليهم بنعمة الهداية والايمان, وكانا على علم بطبيعة الجبابرة, قالوا لبني اسرائيل لا تخافوا عظم اجسامهم وقوتهم, فقلوبهم ضعيفة, ملئت رعبا فأنهم اجساد بلا فلوب, فقط عليكم التوكل على الله واتباع امره ونصرته عز وجل فان فعلتم ذلك ووافقتم رسوله فان الله ناصركم لا محالة, فلم ينفع هذا الكلام مع بني اسرائيل واصروا على موقفهم.
فقالوا لهم ولسيدنا موسى
(( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون )) المائدة 24
فقال موسى عليه السلام, ليس معي احد ادخل به فلسطين غير اخي, كلهم جبناء الدنيا ملأت قلوبهم, قضية الدين وتقوى الله وقضية الآخرة أصبحت هامشية بالنسبة لهم.
(( قال رب اني لا املك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين )) المائدة 25
فقال تعالى عز وجل
(( قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض )) المائدة 26
وهنا نسأل: لماذا حدد الله الرقم اربعين؟ اربعون سنة حتى يتغير الجيل لان هاذ الجيل جيل ليس جيل آخرة, جيل أصبحت الدنيا كل حياته, الدنيا هي التي تسيره, جيل يسعى وراء الشهوات والمحرمات ومصالحه الشخصية, تاركا قضية الإسلام وراء ظهره بل يكاد يكون ناسيها تماما, جيل أصبحت الدنيا هي مبتغاه ومسألة الآخرة أصبحت من القصص الخيالية بالنسبة إليه. نحن نخشى ان يكون فينا شباب مثل هاذ الجيل المذكور في القران.
المهم, انقضت الأربعين سنة, واستطاع سيدنا موسى أن يغير الجيل وجاء بجيل جديد, ومات اثناء التيه, ومات سيدنا هارون ايضا, وبعد الاربعين سنة اصبح هناك جيل يصلح ان يفتح فلسطين, جيل من الشباب جيل رجال جيل نافع مؤمن بالله, جيل قضيته الأولى هي نصرة الله تعالى ونصرة دينه, جيل مساجد وصلاة وقران.
وهنا ضهر دور يوشع بن نون (( وإذ قال موسى لفتاه ))الكهف 60
كان يوشع فتى تربى على يد سيدنا موسى وكان يحضر دروس العلم على يده وكان طالب علم متميز فاصبح اليوم يصلح ان يقود بني اسرائيل لتحرير القدس.
خرج يوشع مع بني اسرائيل وحاصروا فلسطين وحاصروا مدينة القدس, حاصروها 6 اشهر.
قال النبي (صلى الله عليه وسلم ) (( ان اخر يوم في المعركة كان يوم جمعة )) لان السبت بالنسبة لبني اسرائيل محرم فكان محرم عليهم العمل في او القتال.
اليوم سينتهي مع غروب السمش, وكان يوشع ينضر الى الشمس وهي تبدا بالغروب, لو انها غربت ستتوقف المعركة وسيحصنون انفسهم ويضيع كل النصر الذي تحقق.
يقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) (( فنظر الى الشمس وقال: انك مامورة وانا مامور اللهم احبسها حتى تنفتح بيت المقدس )) ويقول النبي (( فحبسها الله تبارك وتعالى ))
قال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) (( إن الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع ))
وتحقق النصر وبمجرد دخولهم القدس غربت الشمس فسبحانه الذي بيده ملكوت كل شئ, وسبحان الذي يقول للشئ كن فيكون.
إياكم أن تيأسوا والله سيعز دينه, والله سيعز الاسلام قريبا جدا, ولا تستغربوا ورسولكم القائل (( حتى الحجر ينطق ويقول هاذ يهودي خلفي تعال فاقتله )), ألم يقل هذا رسول الله في حديث صحيح؟؟ ما الفرق بين معجزة حبس الشمس ومعجزة نطق الحجر تلك المعجزة التي بإنتظارنا؟! فقط علينا أن نأخذ بالأسباب, فقط علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الله تعالى بالعمل على نصرة الله عز وجل ونصرة دينه.
ظلوا يعملون اربعين سنة من أجل ان يحرورا المسجد الاقصى ولا تاتي المعجزة الى في آخر ثلث ساعة؟ وذلك النصر الذي لا يأتي إلا للمؤمنين المخلصين لنصرة الله تعالى ونصرة دينه ونبيه, فيتحرر المسجد الأقصى بإذن الله
قال تعالى (( إن تنصروا الله ينصركم ))
وتأكدوا وكونوا على يقين انكم إن تنصروا الله ينصركم, فانه نعم المولى ونعم النصير, وانه لايخلف الميعاد